مفهوم الصوم في الحياة المسيحية كنيسة الشهيد العظيم مار جرجس احد الاستعداد للصوم الكبير ٢٣ فبراير ٢٠٢٠

من إنجيل معلمنا متى ١٤ البشير: ولَمّا جاءوا إلَى الجَمعِ تقَدَّمَ إليهِ رَجُلٌ جاثيًا لهُ وقائلًا: «يا سيِّدُ، ارحَمِ ابني فإنَّهُ يُصرَعُ ويَتألَّمُ شَديدًا، ويَقَعُ كثيرًا في النّارِ وكثيرًا في الماءِ. وأحضَرتُهُ إلَى تلاميذِكَ فلَمْ يَقدِروا أنْ يَشفوهُ». فأجابَ يَسوعُ وقالَ: «أيُّها الجيلُ غَيرُ المؤمِنِ، المُلتَوي، إلَى مَتَى أكونُ معكُم؟ إلَى مَتَى أحتَمِلُكُمْ؟ قَدِّموهُ إلَيَّ ههنا!». فانتَهَرَهُ يَسوعُ، فخرجَ مِنهُ الشَّيطانُ. فشُفيَ الغُلامُ مِنْ تِلكَ السّاعَةِ. ثُمَّ تقَدَّمَ التلاميذُ إلَى يَسوعَ علَى انفِرادٍ وقالوا: «لماذا لَمْ نَقدِرْ نَحنُ أنْ نُخرِجَهُ؟». فقالَ لهُمْ يَسوعُ: «لعَدَمِ إيمانِكُمْ. فالحَقَّ أقولُ لكُمْ: لو كانَ لكُمْ إيمانٌ مِثلُ حَبَّةِ خَردَلٍ لكُنتُمْ تقولونَ لهذا الجَبَلِ: انتَقِلْ مِنْ هنا إلَى هناكَ فيَنتَقِلُ، ولا يكونُ شَيءٌ غَيرَ مُمكِنٍ لَدَيكُمْ. وأمّا هذا الجِنسُ فلا يَخرُجُ إلّا بالصَّلاةِ والصَّوْمِ». وفيما هُم يتَرَدَّدونَ في الجَليلِ قالَ لهُمْ يَسوعُ: «ابنُ الإنسانِ سوفَ يُسَلَّمُ إلَى أيدي النّاسِ فيَقتُلونَهُ، وفي اليومِ الثّالِثِ يَقومُ». فحَزِنوا جِدًّا.” مَتَّى 17:14-23

كيف نصوم: “ومَتَى صُمتُمْ فلا تكونوا عابِسينَ كالمُرائينَ، فإنَّهُمْ يُغَيِّرونَ وُجوهَهُمْ لكَيْ يَظهَروا للنّاسِ صائمينَ. الحَقَّ أقولُ لكُمْ: إنهُم قد استَوْفَوْا أجرَهُمْ. وأمّا أنتَ فمَتَى صُمتَ فادهُنْ رأسَكَ واغسِلْ وجهَكَ، لكَيْ لا تظهَرَ للنّاسِ صائمًا، بل لأبيكَ الّذي في الخَفاءِ. فأبوكَ الّذي يَرَى في الخَفاءِ يُجازيكَ عَلانيَةً.” مَتَّى 6: 16-18 من المهم جداً أن نتحدث عن الصوم مع الحديث عن الصلاة في المسيحية الصلاة والصوم مرتبطان معاً، إذ ينبغي علينا كمسيحيين أن نصلّي في كل حين كما هو مكتوب “ينبغي أن يُصَلَّى كلَّ حينٍ ولا يُمَلّ” اما عن الصوم:”
يرتبط الصوم و الصلاة في تذللنا وتضرعنا، وتقديم طلباتنا إلى الرب لهما عندما قوة فعاله “صالحة هي الصلاة مع الصوم والصدقة فإنها تنجي من الموت” (طوبيت ١٢: ٨-٩) {الصوم يتقدم الفضائل في بداية المعركة الروحية، ويحفظ العفة، فهو أبو الصلاة ونبع الهدوء، ومعلم السكوت ومشرق العقل لعشرة الله} (مار اسحق السريانى)
{أليس الصوم هو والد كل نوع من الفضيلة؟ الصوم هو مشابهة سيرة الملائكة فيه ينبوع التعقل. ويده انضباط النفس}. (القديس كيرلس الكبير – العظة الفصحية
* لكن هناك نوعان من الصوم : الصوم المقبول و الصوم الغير المقبول لدى الله الصوم المرفوض من الله نقرأ عنه في سفر اشعياء “يقولون لماذا صمنا ولم تنظر. ذلَّلنا أنفسنا ولم تلاحظ. ها انكم في يوم صومكم تُوجِدون مسرَّةً وبكل أشغالكم تُسخَّرون. ها إنكم للخصومة والنزاع تصومون (مثل إيزابيل) ولتضربوا بكلمة الشر. لستم تصومون كما اليوم لتسميع صوتكم في العلاءِ. أمثل هذا يكون صومٌ أختارهُ. يوماً يذلّل الإنسان فيهِ نفسهُ يحنى كالأسلة راسهُ ويفرش تحتهُ مسحاً ورماداً. هل تسمي هذا صوماً ويوماً مقبولاً للرب.” * وهنا نجد أن الصوم المرفوض من الله هو: ١ – الصوم الشكلي المظهري الغير نابع من أعماق القلب- فهذا صوم يمارسه الإنسان لكي يظهر صائماً وقد حذرنا المسيح من هذا الصوم قائلاً: “ومتى صمتم فلا تكونوا عابسين كالمرائين. فإنهم يغيّرون وجوههم لكي يظهروا للناس صائمين. الحقَّ أقول لكم إنهم قد استوفوا أَجْرَهم
٢ – الصوم الأكثر رفضاً من الله وهو أن الصائم إنما يصوم ويُوجد لنفسه مسرّة في يوم الصوم، وبكل أشغاله يسخر غيره حتى يفقد الصوم فاعليته في حياة الإنسان الصائم، “وليُكلِّموا الكهنةَ الّذينَ في بَيتِ رَبِّ الجُنودِ والأنبياءَ قائلينَ: «أأبكي في الشَّهرِ الخامِسِ مُنفَصِلًا، كما فعَلتُ كمْ مِنَ السِّنينَ هذِهِ؟». ثُمَّ صارَ إلَيَّ كلامُ رَبِّ الجُنودِ قائلًا: «قُلْ لجميعِ شَعبِ الأرضِ ولِلكهنةِ قائلًا: ( لَمّا صُمتُمْ ونُحتُمْ في الشَّهرِ الخامِسِ والشَّهرِ السّابِعِ، وذلكَ هذِهِ السَّبعينَ سنَةً، فهل صُمتُمْ صَوْمًا لي أنا؟ ولَمّا أكلتُمْ ولَمّا شَرِبتُمْ، أفَما كنتُم أنتُمُ الآكِلينَ وأنتُمُ الشّارِبينَ؟)” زَكَريّا 7: 3-6. كان الصوم في ذهنهم مجرد امتناع عن الطعام وليس عن الشر، والتمتع بالبر يقول القديس ديديموس الضرير:: [يلزمنا أن نضبط البطن برباطات المطانيات مع الدموع! لكن كم هو مدمر للإنسان أن يكون صومه كالرافضين التمتع بخبز الحياة (يو ٦: ٣٥)، أي التمتع بجسد يسوع الخبز النازل من السماء.
٣ – الصوم الداعي إلى الخصومة والنزاع والضرب بكلمة الشر (عبادة الأشرار) “فدَخَلَ أخآبُ بَيتَهُ مُكتَئبًا مَغمومًا مِنْ أجلِ الكلامِ الّذي كلَّمَهُ بهِ نابوتُ اليَزرَعيليُّ قائلًا: «لا أُعطيكَ ميراثَ آبائي». واضطَجَعَ علَى سريرِهِ وحَوَّلَ وجهَهُ ولَمْ يأكُلْ خُبزًا. فدَخَلَتْ إليهِ إيزابَلُ امرأتُهُ وقالَتْ لهُ: «لماذا روحُكَ مُكتَئبَةٌ ولا تأكُلُ خُبزًا؟» فقالَ لها: «لأنّي كلَّمتُ نابوتَ اليَزرَعيليَّ وقُلتُ لهُ: أعطِني كرمَكَ بفِضَّةٍ، وإذا شِئتَ أعطَيتُكَ كرمًا عِوَضَهُ، فقالَ: لا أُعطيكَ كرمي». فقالَتْ لهُ إيزابَلُ: «أأنتَ الآنَ تحكُمُ علَى إسرائيلَ؟ قُمْ كُلْ خُبزًا وليَطِبْ قَلبُكَ. أنا أُعطيكَ كرمَ نابوتَ اليَزرَعيليِّ». ثُمَّ كتَبَتْ رَسائلَ باسمِ أخآبَ، وخَتَمَتها بخاتِمِهِ، وأرسَلَتِ الرَّسائلَ إلَى الشُّيوخِ والأشرافِ الّذينَ في مَدينَتِهِ السّاكِنينَ مع نابوتَ. وكتَبَتْ في الرَّسائلِ تقولُ: «نادوا بصَوْمٍ، وأجلِسوا نابوتَ في رأسِ الشَّعبِ. وأجلِسوا رَجُلَينِ مِنْ بَني بَليَّعالَ تُجاهَهُ ليَشهَدا قائلَينِ: قد جَدَّفتَ علَى اللهِ وعلَى المَلِكِ. ثُمَّ أخرِجوهُ وارجُموهُ فيَموتَ».” المُلوكِ الأوَّلُ 21: 4-10
الصوم المقبول الصوم المقبول امام الله هو: مزمور الإنجيل ١- الصوم المقبول فيه عباده: “فالآنَ يا أيُّها المُلوكُ تعَقَّلوا. تأدَّبوا يا قُضاةَ الأرضِ. اعبُدوا الرَّبَّ بخَوْفٍ، واهتِفوا برِعدَةٍ.” المَزاميرُ 2: 10-11
مزمور باكر ٢- الصوم المقبول فيه فرح: “اِهتِفي للرَّبِّ يا كُلَّ الأرضِ. اعبُدوا الرَّبَّ بفَرَحٍ. ادخُلوا إلَى حَضرَتِهِ بترَنُّمٍ. اعلَموا أنَّ الرَّبَّ هو اللهُ. هو صَنَعَنا، ولهُ نَحنُ شَعبُهُ وغَنَمُ مَرعاهُ. ادخُلوا أبوابَهُ بحَمدٍ، ديارَهُ بالتَّسبيحِ. احمَدوهُ، بارِكوا اسمَهُ. لأنَّ الرَّبَّ صالِحٌ، إلَى الأبدِ رَحمَتُهُ، وإلَى دَوْرٍ فدَوْرٍ أمانَتُهُ.” المَزاميرُ 100: 1-5
مزمور العشية ٣- الصوم المقبول فيه مخافة الله: “كُفّوا واعلَموا أنّي أنا اللهُ. أتَعالَى بَينَ الأُمَمِ، أتَعالَى في الأرضِ.” المَزاميرُ 46: 10
إنجيل عشية ٤- الصوم المقبول فيه إيمان بفاعليه الصوم والصلاة: “فأجابَ يَسوعُ وقالَ لهُمْ: «ليَكُنْ لكُمْ إيمانٌ باللهِ. لأنّي الحَقَّ أقولُ لكُمْ: إنَّ مَنْ قالَ لهذا الجَبَلِ: انتَقِلْ وانطَرِحْ في البحرِ! ولا يَشُكُّ في قَلبِهِ، بل يؤمِنُ أنَّ ما يقولُهُ يكونُ، فمَهما قالَ يكونُ لهُ. لذلكَ أقولُ لكُمْ: كُلُّ ما تطلُبونَهُ حينَما تُصَلّونَ، فآمِنوا أنْ تنالوهُ، فيكونَ لكُمْ.” مَرقُسَ 11: 22-24 إنجيل باكر ٥- الصوم المقبول فيه اتضاع: “كذلكَ أنتُمْ أيضًا، مَتَى فعَلتُمْ كُلَّ ما أُمِرتُمْ بهِ فقولوا: إنَّنا عَبيدٌ بَطّالونَ، لأنَّنا إنَّما عَمِلنا ما كانَ يَجِبُ علَينا».” لوقا 17: 10
٦- الصوم المقبول معه صدقة وصلاة الإنجيل من الموعظة على الجبل.
٧ – الصوم المقبول فيه تطهير من الخطايا: “ولِهذا عَينِهِ -وأنتُمْ باذِلونَ كُلَّ اجتِهادٍ- قَدِّموا في إيمانِكُمْ فضيلَةً، وفي الفَضيلَةِ مَعرِفَةً، وفي المَعرِفَةِ تعَفُّفًا، وفي التَّعَفُّفِ صَبرًا، وفي الصَّبرِ تقوَى، وفي التَّقوَى مَوَدَّةً أخَويَّةً، وفي المَوَدَّةِ الأخَويَّةِ مَحَبَّةً. لأنَّ هذِهِ إذا كانتْ فيكُم وكثُرَتْ، تُصَيِّرُكُمْ لا مُتَكاسِلينَ ولا غَيرَ مُثمِرينَ لمَعرِفَةِ رَبِّنا يَسوعَ المَسيحِ. لأنَّ الّذي ليس عِندَهُ هذِهِ، هو أعمَى قَصيرُ البَصَرِ، قد نَسيَ تطهيرَ خطاياهُ السّالِفَةِ. لذلكَ بالأكثَرِ اجتَهِدوا أيُّها الإخوَةُ أنْ تجعَلوا دَعوَتَكُمْ واختيارَكُمْ ثابِتَينِ. لأنَّكُمْ إذا فعَلتُمْ ذلكَ، لن تزِلّوا أبدًا.” بُطرُسَ الثّانيَةُ 1: 5-10
و المجد لله دائماً
Fr. Abraam Farah